الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين
الفرق بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود والنصارى
من إعجاز القرآن في أسلوبه وسياقه لا في ألفاظه أن ذكر مثلين لأصحاب رسول الله:
الأول: (ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً).
والثاني: (كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى).
فقوله: { ركعاً سجداً } [الفتح:29]
جعل مثلاً لأصحاب موسى الذين هم اليهود، والثاني لأصحاب عيسى الذين هم النصارى، وكلا المثالين ثابتان لأصحاب رسول الله، ولو أخذنا المثالين ونظرناهما في التوراة والإنجيل لم يختلف وصف أصحاب محمد، فالوصفان ثابتان، ولكن هذا التوزيع المدرج شيء مقصود متلائم مع سياقه.
ولهذا يجب علينا أن نتوجه إلى الله العلي القدير أن يشرح صدورنا لفهم كتاب الله، إذا نظرنا إلى المثل الأول نستطيع أن نجعل له عنوانا: { مثلهم في التوراة } [الفتح:29]
عباداً راكعين ساجدين يبتغون فضلاً من الله، كأنهم زهاد في الدنيا.
وإذا جئت للمثل الثاني فإذا هو: زرع وماء ورواء وشد! وكأنها عملية استثمار وإنماء، وعملية إعمار للأرض، فكأنهم مشغولون بالدنيا.
وكلا المثالين لأصحاب رسول الله في كمال المدح؛ لأنهم جمعوا بين أمر الدنيا والدين معاً، في الدنيا زرع ونماء، وفي الدين ركع سجد، بخلاف اليهود والنصارى،
فاليهود كان موقفهم من أمور العبادات ما قص الله في قوله تعالى:
{ أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون } [البقرة:75]
فاستحلوا ما حرم الله بالحيل، وكانت تغلب عليهم الماديات، حرم الله عليهم العمل يوم السبت، وامتحنهم في الحيتان:
{ واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم } [الأعراف:163]
فألقوا الشباك يوم الجمعة وذهبوا، وجاءت الحيتان يوم السبت شرعاً ووجدت الشباك فأمسكتها، وتركوها في الشباك ثم يوم الأحد ذهبوا وسحبوا الشباك، فهل عملوا يوم السبت شيئاً؟
قالوا: ما عملنا شيئاً، احتالوا على ما حرم الله، فكانت الماديات غالبة عليهم.
فعندما يأتيهم مثل أصحاب محمد (ركعاً سجداً) وأنه يكون هذا المثال في الأمة التي ستأتي بعدهم، ويأتي ذكرها على سبيل المدح، فإنه يكبح جماحهم في الماديات، ويأتيهم بالمثل المثالي الذي ينبغي أن يرجعوا إليه، وأن يؤدوا حق الله في العبادة تأسيا بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين سيأتون فيما بعد.
والنصارى أصحاب عيسى كانت طبيعتهم الروحانيات،
قال تعالى { ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها } [الحديد:27]
كان الغالب على النصارى القبوع في الأديرة وعدم التعرض للدنيا، وحتى كانوا يقولون: (إذا ضربك على خدك الأيسر فأدر له خدك الأيمن!).
فتركوا الدنيا ورضوا بالذلة؛ ولذا غلب عليهم اليهود، فهؤلاء يأتيهم مثل لا ليزيدهم في الرهبانية (ركعاً سجداً)، بل ويأتيهم المثل الذي يقول لهم: اخرجوا وانتشروا وامشوا في الأرض، وذللوها واستخرجوا ثمارها وازرعوا.
إذا: المثل الذي ضربه الله لأصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم للنصارى يتناسب معهم ليرشدهم إلى ما ينبغي أن يكونوا عليه، وكلا المثالين لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجموعهما كان لهم الكمال؛ لأن اليهود غلبت عليهم المادية، أي: أن الإنسان من روح وجسد، والروح تتطلب إلى غذائها، وغذاء الروح العبادات، والجسم غذاؤه النباتات، فهذا الجسم هو من الطين ويرجع إليه، والروح من أمر الله، أمرها علوي إلهي رباني، فهي تسمو وتصعد إلى الله.
فاليهود غلبوا جانب الجسم وأشبعوه بالمادة وخنقوا الروح، والنصارى أمعنوا في جانب الروح وأضعفوا الجسم، والجسم هو وعاء الروح التي تسكنه، وإذا كنت تسكن بيتا قويا فسيحا فإنك تنشرح وتنشط، وإذا كنت تسكن في عشة أو في بيت متهاو فتكسل وتضيق، فجاء الإسلام وجمع بين الحسنيين، فأعطى الجسم حقه دون إفراط ولا تفريط، وأعطى الروح حقها دون إفراط ولا تفريط.
ولذا جمع سبحانه بين الأمرين فقال: { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * فإذا قضيت الصلاة } [الجمعة:9-10]
أي: أنهيتم مهمة العبادة وإجابة الداعي وسعيتم إلى ذكر الله، وقضيتم هذا الواجب الحق عليكم لله
{ فانتشروا في الأرض } ، لا تمكثوا في أماكنكم، { فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله } [الجمعة:10]
ابتغوا من فضل الله بعمل الدنيا من بيع وزراعة وصناعة واذكروا الله ..
أي: اجمعوا بين الأمرين، ولا تلتهوا بالدنيا، قال تعالى: { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة } [النور:37] وهم من هذه الأمة الإسلامية.
والله أسأل أن يوفقني وإياكم والمسلمين لما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
الفرق بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود والنصارى
من إعجاز القرآن في أسلوبه وسياقه لا في ألفاظه أن ذكر مثلين لأصحاب رسول الله:
الأول: (ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً).
والثاني: (كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى).
فقوله: { ركعاً سجداً } [الفتح:29]
جعل مثلاً لأصحاب موسى الذين هم اليهود، والثاني لأصحاب عيسى الذين هم النصارى، وكلا المثالين ثابتان لأصحاب رسول الله، ولو أخذنا المثالين ونظرناهما في التوراة والإنجيل لم يختلف وصف أصحاب محمد، فالوصفان ثابتان، ولكن هذا التوزيع المدرج شيء مقصود متلائم مع سياقه.
ولهذا يجب علينا أن نتوجه إلى الله العلي القدير أن يشرح صدورنا لفهم كتاب الله، إذا نظرنا إلى المثل الأول نستطيع أن نجعل له عنوانا: { مثلهم في التوراة } [الفتح:29]
عباداً راكعين ساجدين يبتغون فضلاً من الله، كأنهم زهاد في الدنيا.
وإذا جئت للمثل الثاني فإذا هو: زرع وماء ورواء وشد! وكأنها عملية استثمار وإنماء، وعملية إعمار للأرض، فكأنهم مشغولون بالدنيا.
وكلا المثالين لأصحاب رسول الله في كمال المدح؛ لأنهم جمعوا بين أمر الدنيا والدين معاً، في الدنيا زرع ونماء، وفي الدين ركع سجد، بخلاف اليهود والنصارى،
فاليهود كان موقفهم من أمور العبادات ما قص الله في قوله تعالى:
{ أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون } [البقرة:75]
فاستحلوا ما حرم الله بالحيل، وكانت تغلب عليهم الماديات، حرم الله عليهم العمل يوم السبت، وامتحنهم في الحيتان:
{ واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم } [الأعراف:163]
فألقوا الشباك يوم الجمعة وذهبوا، وجاءت الحيتان يوم السبت شرعاً ووجدت الشباك فأمسكتها، وتركوها في الشباك ثم يوم الأحد ذهبوا وسحبوا الشباك، فهل عملوا يوم السبت شيئاً؟
قالوا: ما عملنا شيئاً، احتالوا على ما حرم الله، فكانت الماديات غالبة عليهم.
فعندما يأتيهم مثل أصحاب محمد (ركعاً سجداً) وأنه يكون هذا المثال في الأمة التي ستأتي بعدهم، ويأتي ذكرها على سبيل المدح، فإنه يكبح جماحهم في الماديات، ويأتيهم بالمثل المثالي الذي ينبغي أن يرجعوا إليه، وأن يؤدوا حق الله في العبادة تأسيا بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين سيأتون فيما بعد.
والنصارى أصحاب عيسى كانت طبيعتهم الروحانيات،
قال تعالى { ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها } [الحديد:27]
كان الغالب على النصارى القبوع في الأديرة وعدم التعرض للدنيا، وحتى كانوا يقولون: (إذا ضربك على خدك الأيسر فأدر له خدك الأيمن!).
فتركوا الدنيا ورضوا بالذلة؛ ولذا غلب عليهم اليهود، فهؤلاء يأتيهم مثل لا ليزيدهم في الرهبانية (ركعاً سجداً)، بل ويأتيهم المثل الذي يقول لهم: اخرجوا وانتشروا وامشوا في الأرض، وذللوها واستخرجوا ثمارها وازرعوا.
إذا: المثل الذي ضربه الله لأصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم للنصارى يتناسب معهم ليرشدهم إلى ما ينبغي أن يكونوا عليه، وكلا المثالين لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجموعهما كان لهم الكمال؛ لأن اليهود غلبت عليهم المادية، أي: أن الإنسان من روح وجسد، والروح تتطلب إلى غذائها، وغذاء الروح العبادات، والجسم غذاؤه النباتات، فهذا الجسم هو من الطين ويرجع إليه، والروح من أمر الله، أمرها علوي إلهي رباني، فهي تسمو وتصعد إلى الله.
فاليهود غلبوا جانب الجسم وأشبعوه بالمادة وخنقوا الروح، والنصارى أمعنوا في جانب الروح وأضعفوا الجسم، والجسم هو وعاء الروح التي تسكنه، وإذا كنت تسكن بيتا قويا فسيحا فإنك تنشرح وتنشط، وإذا كنت تسكن في عشة أو في بيت متهاو فتكسل وتضيق، فجاء الإسلام وجمع بين الحسنيين، فأعطى الجسم حقه دون إفراط ولا تفريط، وأعطى الروح حقها دون إفراط ولا تفريط.
ولذا جمع سبحانه بين الأمرين فقال: { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * فإذا قضيت الصلاة } [الجمعة:9-10]
أي: أنهيتم مهمة العبادة وإجابة الداعي وسعيتم إلى ذكر الله، وقضيتم هذا الواجب الحق عليكم لله
{ فانتشروا في الأرض } ، لا تمكثوا في أماكنكم، { فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله } [الجمعة:10]
ابتغوا من فضل الله بعمل الدنيا من بيع وزراعة وصناعة واذكروا الله ..
أي: اجمعوا بين الأمرين، ولا تلتهوا بالدنيا، قال تعالى: { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة } [النور:37] وهم من هذه الأمة الإسلامية.
والله أسأل أن يوفقني وإياكم والمسلمين لما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
الإثنين مارس 30, 2015 5:41 pm من طرف ahmedcola
» online work|online job|online income|home jobs|online jobs for students|typing jobs|home business|part time job|home based businesses
الأحد مارس 29, 2015 12:57 am من طرف ahmedcola
» لا تفوتك الفرصة و سوف تترك كل المواقع الأخرى 1 دولار يومياً
الثلاثاء أبريل 15, 2014 2:43 am من طرف raftani
» احدث اسطوانة برامج Egyroz SoftWare 2012
الثلاثاء فبراير 12, 2013 9:21 pm من طرف batra
» تحميل برنامج ياهو 2013 فى اخر اصدراته رابط مباشر
الجمعة أغسطس 24, 2012 5:46 pm من طرف مسلم وافتخر
» برنامج متكامل و احترافي للقرآن برواية ورش+ تفسير+ تحفيظ +بحث+ مقارنة
الجمعة أغسطس 24, 2012 5:24 pm من طرف Admin
» القران الكريم المرتل كاملا بصوت الشيخ محمد ايوب برابط مباشر
السبت أغسطس 11, 2012 1:18 pm من طرف Admin
» سلسلة رحلة الى الدار الأخرة لفضيلة الشيخ عبدالله كامل
السبت أغسطس 04, 2012 7:47 pm من طرف ابو مروة
» اسطوانة اجمل رمضان فى حياتى
السبت أغسطس 04, 2012 7:34 pm من طرف ابو مروة